الاثنين، 6 أكتوبر 2008

أقوال رئيس الوزراء خلال مراسم إحياء ذكرى ضحايا العمليات الارهابيه الفلسطينيه



أيها أبناء عائلات المتضررين من العمليات العدائية ،
أيها السادة الكرام ،

إن الأمة تنكّس أعلامها في هذا اليوم الذي يصادف ذكرى شهداء معارك وحروب إسرائيل إحياءً للذكرى المقدسة للمقاتلين الذين سقطوا في سبيل قيام الدولة والدفاع عنها ، غير أننا تستحضر أيضاً ذكرى المواطنين الذين قضى عليهم الأعداء في عمليات قتل وعداء وإرهاب.

لن تمضي إلا ساعات معدودات بعد مغيب الشمس وسيعاد رفع أعلام الوطن إلى رؤوس السواري لتحتفل دولة إسرائيل بعيد استقلالها التاسع والخمسين. غير أن أقدامنا لن تطأ أبواب العيد قبل اختلائنا جميعاً – قلباً وقالباً – بألم الفقدان. إذ لا يمكننا إلا من أعماق الشجون والتعاطف مع الخسارة التي لا عوض عنها أن نقدّر بشكل صائب منّة الحرية والسيادة التي ورثناها. لتعزّ علينا دولة إسرائيل عزّة أبنائها وكرامة مواطنيها جنوداً كانوا أم مدنيين الذين سقطوا ضحايا الكراهية ووهج السيف وقد أصبحت إسرائيل وطنهم في حياتهم ومماتهم.

إن مكافحة الإرهاب العربي تواكب المشروع الصهيوني منذ انطلاقه وحتى يومنا هذا. إن مظاهر المعارضة والعداء والحروب والإرهاب المتواصلة منذ أكثر من قرن لم توقف ولم تعترض مسيرة الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل. إننا مارسنا سياسة زمّ الشفاه [إشارة إلى ضبط النفس] وقبض الكفّ [استعداداً للقتال] ومحاربة الأعداء وواصلنا إجراءات البناء والتعاظم وتعزيز القوة الدفاعية واستيعاب موجات القادمين الجدد المتوافدين من مشارق الأرض ومغاربها وإنشاء المرافق الاقتصادية المزدهرة وتشكيل المجتمع الديمقراطي المتعدد الأطياف الحرّ الذي يموج بالتطورات فضلاً عن إيجاد المؤسسات الطبية والثقافية والعلمية التي تضع إسرائيل في كثير من المجالات في طليعة ركْب التقدم البشري على مستوى المعمورة جمعاء. أما الثمن الذي دفعناه متمثلاً بحياة المدنيين دون العسكريين وحدهم فكان فادحاً وغالياً لا يضاهيه ثمن. لقد انزلق هَوس القتل بالتنظيمات الإرهابية إلى مهالك الدناءة التي تدنس صورة البشر. إنهم جعلوا من أي إسرائيلي أو يهودي أينما كان ، سواء أكان طفلاً رضيعاً أو شيخاً طاعناً في السنّ ، هدفاً مشروعاً لخطة التصفية العنصرية التي رسموها. إن الجموع الغفيرة منهم هلّلت في الشوارع ووزعت الحلاوى كلما وقع اعتداء دامٍ استهدف المارّة الإسرائيليين الأبرياء ، وبقدر تزايد عدد القتلى هكذا تعالت هتافات البهجة التي أطلقوها. لقد أبدى أولياء أمور منفذي اعتداءات القتل البشعة فرحتهم على الملأ وسرورهم بما قام بهم أبناؤهم الذين فجروا أنفسهم وسلبوا دون طائل حياة مواطنين أفاضل من منطلق العمى الأخلاقي المفزع والكراهية المجنونة وغسل الدماغ. ها هي صورة العدو الذي نحاربه وها هي أساليبه ونياته ، وبالتالي لا يجدر بنا الوقوع في فخّ الأوهام إذ إن هؤلاء يمارسون سياسة القتل دون رحمة أو شفقة بإخوانهم وأبناء شعوبهم دون أن يحركوا ساكناً. ولذلك نخوض حرباً متواصلة وحازمة وصارمة مع التنظيمات الإرهابية ، حرب ضروس بلا هوادة ودون كلل ، إلى أن يتم دحرها وسحقها. أما جيراننا الذين يرغبون في إرساء السلام معنا فإننا سنحترمهم ونبحث معهم التسويات السياسية ونستشرف مستقبل العلاقات بيننا من منطلق النية الحسنة والاستعداد لتقديم التنازلات المؤلمة ، غير أننا لن نكف عن ملاحقة الإرهابيين القتلة المعنيين بالقضاء علينا والذين ينكرون حق دولة إسرائيل في الوجود ويسعون لتقويضها طالما انتهجوا هذا النهج الإجرامي وطالما بقيت أهدافهم على ما هي عليه ، ونواصل ضربهم حتى الإجهاز عليهم.

إن الحرب ضد الإرهاب قد تضعنا غير مرة أمام المعضلات الأخلاقية والأمنية المستعصية. وقد جعل الواقع القاسي وضرورات التعامل مع التنظيمات الإرهابية التي ما أشد البون الذي يفصلنا عنها من حيث نظرتنا لحياة البشر ، جعل رؤساء الحكومات الإسرائيلية ماضياً وحاضراً يواجهون الخيارات البالغة الصعوبة والتعقيد بين القيم والاعتبارات المتناقضة. وهكذا الأمر على سبيل المثال بالنسبة لقضية جنودنا المحتجزين لدى العدو. إنني أعي على الدوام قلباً وعقلاً خطورة مصيرهم وضائقة عائلاتهم كما أن قضيتهم قريبة من قلوب الشعب كله. إن واجب القيام بكل ما يلزم لاستعادة أي مواطن ، ولا سيما جندي ، في أقرب ما يمكن لهو واجب مقدَّس ، كما أن فريضة تخليص وافتداء الأسرى متجذرة في التراث اليهودي ومكرَّسة بالقرارات الحكومية السابقة ، إلا أن هناك بموازاة هذا الواجب واجباً آخر لا يقل أهمية ويتمثل بإبداء الموقف الحازم وعدم مهادنة التنظيمات الإرهابية وجعل العدالة تأخذ مجراها بحق القتلة السفلة الملطخة أياديهم بالدماء ، بالإضافة إلى ضرورة عدم تمكين التنظيمات الإرهابية من خلال ممارسة عمليات الخطف من إبطال مفعول العقوبات التي أنزلتها المحاكم على المعتدين القتلة ، وعدم تكرار أخطاء الماضي التي أدت إلى تزايد حدة الإرهاب وعودة المخربين الذين أُفرج عنهم إلى ممارسة الإرهاب بصورة كلّفت حياة العديد من المواطنين الإسرائيليين. أضف إلى ذلك – بالنظر إلى مجموع الاعتبارات وما تحمله من عبء ثقيل وتعذيب للنفس – وجوب إفساح المجال رحباً لمراعاة مشاعر العائلات الثكلى المتضررة من العمليات الإرهابية والعدائية.

غير أنني أؤكد هنا أنه لا بد في نهاية المطاف من حسم الأمر مهما اشتدّ ، علماً بأن أي قرار في هذه القضية المؤلمة ينطوي على صعوبات لا مثيل لها ، وإنني متأكد من أن القلب الحساس المرهف وصفاء الرؤية والاعتبارات الجوهرية الواضحة سترشدني ومجلس الوزراء بأسره إلى القرار السديد عندما تأزف ساعة الحقيقة.

أيها العائلات العزيزة ،

أعلم يقيناً أن لغة البشر لا تتضمن الكلمات التي تخفف من هول حزنكم إذ لا عوض عن الحياة التي اخترمتها المنية في ريعان الشباب ، ولا عزاء على نفس محببة قطعها عدو قاتل عمداً. لذلك ، ونيابةً عن أبناء الشعب كله ، سأمدّ إليكم يد الشقيق المعانق من منطلق الإحساس الصادق بالأسى والمصير المشترك. كما أنني سأدعو رب العالمين الذي "يشفي منكسري القلوب ويجبر كسرهم" (سفر المزامير: المزمور 147: 3) لأن يقدم الدواء الشافي لآلامكم ويوفر عليكم المزيد من مشاعر الكآبة والغمّ.

ليت أعزاءكم ، مواطني دولة إسرائيل الأفاضل والأوفياء الذين سقطوا ضحايا العمليات العدائية والإرهابية ، ستظلّ ذكراهم منقوشة إلى الأزل في قلب الشعب إلى جانب ذكرى جميع شهداء معارك وحروب إسرائيل.

تغمد الله بواسع رحمته ضحايا الإرهاب وأسكنهم فسيح جناته آمين.

ليست هناك تعليقات: