الاثنين، 6 أكتوبر 2008

كان يوم لكم وهو ايامنا الي الابد

أقوال رئيس الوزراء
أيتها فخامة القائمة بأعمال رئيس الدولة رئيسة الكنيست السيدة داليا إيتسيك ،
أيتها رئيسة المحكمة العليا السيدة دوريت بينيش ،
أيها أعضاء الحكومة ،
أيتها السيدة وزيرة الخارجية البولندية ،
أيها فضيلة الحاخامين الأكبرين ،
أيها السيد رئيس بلدية أورشليم القدس ،
أيها أعضاء السلك الدبلوماسي ،
أيها رئيس مجلس مؤسسة (ياد فشيم) يوسيف لابيد ورئيس إدارتها أفنير شاليف ،
أيها المحاربون القدامى في الحرب العالمية الثانية ،
أيها الناجون من معسكرات الإبادة ،
أيها القادة والجنود في جيش الدفاع وأفراد شرطة إسرائيل ،
أيها الضيوف الكرام ،

لقد مرت 62 عاماً على انتهاء المعارك العسكرية الأشد دموية وفظاعة في تأريخ البشرية. لقد تم إنقاذ العالم من التهديد غير المسبوق ، تهديد نظام الحكم النازي الظالم الذي سعى لاستعباد كافة شعوب المعمورة وجعلها دوساً تحت أقدام "عرق السادة" [الألمان حسب العقيدة النازية]. لقد رقصت جماهير غفيرة احتفالاً بيوم النصر في ميادين لندن وباريس ونيويورك وكافة العواصم المحررة.

وكان الشعب اليهودي – أبرز ضحايا الغول النازي – أيضاً في الطرف المنتصر لكنه لم ينضم إلى صفوف المحتفلين إذ جاء خلاصه متأخراً بعد أن تمت إبادة ثلث أبنائه – أي الغالبية العظمى من أبناء الحضارة اليهودية المجيدة في أوروبا – ووأدهم تحت أنقاض الحرب العالمية.

إن دولة إسرائيل ستحتفل بعد ثمانية أيام بعيد استقلالها التاسع والخمسين. إن نهضة الشعب اليهودي وانتفاضه من رماد المحرقة ودبّ الحياة الجديدة فيه وصولاً إلى الكينونة الوطنية في موطنه التأريخي تمثل مجتمعةً أعزّ قمة انتصاره. وبالتالي فإن عظمة الدولة اليهودية وازدهارها لهي الرد القاطع والشافي على مخططات العدو النازي المقيت مما يدعو بالفعل إلى الاحتفال.

لقد مضت 62 عاماً [على انتهاء الحرب العالمية الثانية] ويبدو أن ذكرى المحرقة لم تتلاشَ مع السنين بل تعاظمت. لقد صارت ذكرى تحرير معسكر الإبادة (أوشفيتس) ذكرى دولية للمحرقة ، كما تقدم عدد لا حصر له من المتاحف والأنصاب التذكارية والأدبيات والأفلام الوثائقية والبرامج التربوية ومواقع تخليد ذكرى الهولوكوست شهادة تقشعر لها الأبدان وتوجّه إنذاراً شديد المغزى يستحيل تجاهله. إن المشروع التأريخي العظيم الذي أرْسَتْه مؤسسة (ياد فشيم) التي تتولى دور الريادة في النضال التربوي والأخلاقي لصيانة الذاكرة ومحاربة النسيان والتناسي قد حقق النجاح المنقطع النظير.

غير أنه ، أيها السيدات والسادة ، لا يجوز بنا نشر الأوهام إذ إن أولي الألباب البارّين الذين استوعبوا معاني المحرقة والدروس المستفادة منها لا يمثلون إلا النزر اليسير من الجنس البشري وما هم إلا قلة قليلة تتحلى بقيم الاستنارة. إن هؤلاء غالباً ما يكونون من أنصار دولة إسرائيل ويدعون لها بالخير والسلام والأمن ، ولكن ثمة آخرون - وما أكثرهم - يستظلّون بالمؤسسات الأكاديمية الكريمة وقد صارت مشاعر العداء والبغضاء لإسرائيل تُعميهم وتصمّ قلوبهم.

إن هؤلاء ينكرون مجرد حق الشعب اليهودي في الوجود الوطني السيادي. إنهم أول من يتذرع بالحجج لتبرير أي عملية فظيعة يتعرض لها المواطنون الإسرائيليون وأول من يندد بأي عملية دفاعية تقدم عليها دولة إسرائيل. ولا يجوز أن ننسى أن الغالبية العظمى من سكان المعمورة ما زالوا جَهَلة بالمعلومات حول المحرقة ولا يعنيهم شيء من مصير الشعب اليهودي ، كما أنهم يتعرضون للدعاية الكاذبة والأحقاد التي يروجها أولئك الذين ينكرون حقيقة المحرقة ويسعون لجعلها طي النسيان وللحط من شأنها.

أيها الضيوف الكرام ،
إن فعاليات إحياء ذكرى المحرقة تنصبّ هذا العام حول الشهود والشهادات عملاً بما يأتي في سفر المزامير "ولا نخفي عن بنيهم إلى الجيل الآخر" (المزمور 78: 4). إن عدد الشهود الأحياء يتقلص كل عام ولذا فإن أي شاهد صمت حتى آخر أيامه وحمل شهادته إلى القبر يترك بذلك فراغاً لا يمكن الاستعاضة عنه في نسيج الذاكرة. وبالتالي فإن الظرف الراهن يحتّم علينا العثور على أي سيدة ورجل كانوا هناك ، وصمدوا في أتون نار الجحيم ، ومن ثم استنطاقهم. إن روايتهم الشخصية الخاصة تُعد حجراً كريماً في هذه الفسيفساء. إن أي فتات من المعلومات أي وثيقة أو صورة أو شهادة لهي لبنة هامة في جدار الذاكرة وسداً منيعاً يحول دون ضياعها في تلافيف النسيان.

إننا أبناء الشعب اليهودي ملزَمون بترسيخ الذاكرة وتدريس معانيها أباً عن جد إضافةً إلى تكريس عبرتَيْن قاطعتين يجب استخلاصهما: أولاً – أن الشعب اليهودي لن يعود عاجزاً مشرداً ولن يسقط من يده سيف الدفاع عن نفسه ؛ ثانياً – إننا سنكوّن هنا في دولة إسرائيل حضارة تختلف أشد الاختلاف عن العقيدة الشريرة التي سعت لإبادتنا. علينا أن نجتث أي مظهر من التمييز أي غضاضة من العنصرية أي مؤشر على التشدد المظلم ومعاداة الأجانب. يجب أن نرفع لواء الحرية والعدل والأخوة والتسامح والكرامة المتبادلة بين الأديان والشعوب ، لواء السلام والصداقة الذي يجتاز الحدود ويقطع الفضاءات المحيطة بنا.

إننا في مناسبة هذه الذكرى نرثي ونؤبن أخواتنا وأشقائنا الذين ذُبحوا ونشيد ببطولة المحاربين في الغيتوهات والغابات ، ونحيي ومضات الضوء القليلة ولكن المجيدة التي تلألأت في الظلام الدامس متمثلةً بأنصار الشعب اليهودي في محنته.

إننا سنتذكر ولن ننسى ، سنتذكر ونذكّر أنفسنا والأجيال القادمة والإنسانية جمعاء. إنه لمن واجبنا وما يملي علينا ضميرنا ، إنه عهد قطعناه على أنفسنا لدولة إسرائيل حتى قيام الساعة.

مدونة ارض الموعد

ليست هناك تعليقات: