الاثنين، 6 أكتوبر 2008

أقوال رئيس الوزراء خلال مراسم إحياء ذكرى شهداء معارك وحروب إسرائيل على جبل هرتزل

أيها أبناء العائلات الثكلى ،
أيها الجمهور الكريم ،

لقد دوّت قبل قليل صافرة الصمت ، هذه الصافرة المعروفة التي تقشعر لها الأبدان ، وتعطّلت الحياة الروتينية في شتى ربوع البلاد للحظة واحدة صافية من الاختلاء واستحضار الذكريات. لقد وقف مواطنو دولة إسرائيل سواء أكانوا في المدارس أو على الطرقات حزناً وعرفاناً لإحياء ذكرى شهداء معاركنا. إننا في هذا اليوم الفريد من نوعه نكون عائلة ثكلى واحدة. كل منا يضع نصب عينيه صورة قريبة من قلبه لأحد الشهداء إذ ما من شخص في إسرائيل غريب عليه ثمن الحرب. وعلى امتداد فعاليات هذه الذكرى تجتاحنا مشاعر الكرامة والحب والإحساس العميق بجسامة المسؤولية عن مصير دولة إسرائيل ومستقبلها. إن الشهداء ، ولا أفضل أو أعزّ منهم ، قد ضحوا بأنفسهم الطاهرة لأجلها ولأجلنا.

لقد وضع الشاعر حاييم غوري السطور الآتية في ديوانه "زهور النار" باسم أصدقائه الذين رحلوا إلى ميادين القتال:

"... إننا لم نُقسم بالسلام لِمَا أحببناه ذات مرة
بل أقسمنا بالحب حتى الموت لتحمّل حياتنا
فقط كنا صالحين وبسطاء وقت السكون والصاعقة
حتى نفسنا.. إلى الحزن ركنت
والتجاعيد وليدة اليوم ، دون صوت ، صارت تزدهر ببطء على مُحيَّانا"

هنا ، على جبل هرتصل ، وفي المقابر العسكرية في شتى أنحاء البلاد ، تجتمع الآن العائلات الثكلى. إنها تسير صامتةً وببطء بين عواميد الحجر المزدحمة ، ثم تتوقف كل عائلة الواحدة تلو الأخرى وتنطوي على نفسها مطرقة مكفهرّة إلى جانب شاهد القبر الذي تعتني به وتضع إكليلاً من الزهور على اسم عزيزها المنقوش في الصخرة وتذرف عليه دموع الشجون والشوق ، وعند اختلائها بعزيزها تلفّ بها خفيةً خلجات أفئدة جموع أبناء الشعب في إسرائيل.







ة




إن ثمن الدفاع عن دولة إسرائيل وصيانة أمنها فادح يستحيل تقديره ولكن لَمَا كنّا نتمكن دونه من بلوغ الكينونة الوطنية. إنه "الصينية الفضية" [على قول الشاعر] التي قُدمت عليها من خلال التضحية والإخلاص اللا متناهي الحرية والاستقلال. لن يسعنا إعادة الراحلين لكنهم سيكونون دوماً نصب أعيننا. إننا نُوفي عظمة تضحياتهم حقها ، ونربّي أطفالنا على ضوئها ، ونجعل من قدوة بطولاتهم عهداً ومبايعة بأن نقدّر ونحبّ ونصون هذه الدولة الكريمة والصالحة وهي بيتنا القومي مَهْد وطننا ومبعث آمالنا وقد تم امتلاكها بدماء شهدائنا ؛ إننا سندافع عنها بجرأة وحزم من أي عدو يتربص بنا ونكون جاهزين ومستعدين لإزالة أي تهديد وخطر عنها مهما كان قريباً أو بعيداً ؛ كما أننا سنعتزّ بها ونكرّم رموزها ونحتقر من يناصبها العداء ويشهر بها وكل من تسوّل له نفسه توجيه المسبّات والشتائم إليها.

إن كل ما يرِد أدناه – بل أكثر من ذلك – لهو واجب علينا إزاء الشهداء:

* أن نؤازر العائلات الثكلى ونضمها إلى قلوبنا من منطلق الأخوة والمصير المشترك.

* أن نعمل دون كلل أو ملل على إصلاح وتحسين تصرفات دولة إسرائيل ، وأن ننمي فيها العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية والازدهار الاقتصادي وجودة الحياة ، وأن نقضي على القلاقل ومظاهر الجريمة المنظمة والفساد والعنف والقتل على طرقات البلاد الذي لا يمكن الصفح عنه.

* أن لا تلين عزيمتنا ولن نفقد الأمل ولن نتخلى عن المساعي الحيوية بحثاً عن السلام المنشود ، السلام الذي يوفر الأمن ، وبالتالي أن ندرس بمنتهى الجدية أي مبادرة سياسية ونستنفد أي فرصة سانحة ، وأن نستعد لتقديم التنازلات ذات المغزى بل المؤلمة للغاية طالما تمت حماية مصالحنا الحيوية والوجودية لتحقيق تطلعاتنا الشديدة للسلام.

إن الشهداء في معارك وحروب إسرائيل ، إخواننا الأبطال الأشاوس الأماجد ، هم مفخرة الأمة. إنهم يمثلون شهادة مؤلمة على أن قيام دولة إسرائيل وأمنها ليس أمراً بديهياً ولم يتم إنجاز هذه الأهداف دون ثمن يمزق ثنايا القلب. إننا نتذكر الشهداء اليوم – بل يوماً بعد يوم – بالتواضع والحب ، وعندما نستحضر ذكراهم لن ننسى أيضاً معاناة جرحى المعارك والمعاقين الذين يحملون على أجسادهم وأنفسهم علامات ونُدَب الحرب. كما أن مصير جنودنا المخطوفين والمفقودين لن يُستثنى أبداً من جدول أعمالنا بل لن نألو جهداً إلى حين عودة أبنائنا إلى ديارهم وأحضان عائلاتهم التي تعيش العذاب والتمنيات.

قُبيل حلول عيد الاستقلال التاسع والخمسين لدولة إسرائيل ننكّس أعلامنا ونكرم هؤلاء الذين وهبونا ببطولتهم ودمائهم وحياتهم منّة الحرية والكينونة الوطنية.

تغمد الله الشهداء بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته إلى أبد الأبدين.

ليست هناك تعليقات: